حاسوبك كتير مهضوم ... حاسوبي
حابب يتعرَّف عليه.
أحمد
لستُ حزيناً، على الرغم من تجنبها لجلساتنا الطويلة.
ضخَّت، منذ يومين، في أحشائي بكثير من بقايا دفتر اليوميات، فانتفخ الورم في جسدي.
حاولت أن أُفهمها بأن الاستحمام لا يكون بهذه الطريقة الوحشية التي مارستها معي منذ عدة أيام، بل بتنظيف داخلي، يستأصل ما لا لزوم له من جسدي المتورم، أوضحت لها أن كل هذا اللغو الذي يعج به داخلي، يعوق حركتي ويجعلها من البطء الذي ينذر بانفجار وشيك.
طيب،طيب، بعدين ...
أجرُّ نفسي جرّاً، بثقل مخيف، لا أعرف كيف أتحرر من قيودي، بانتظار رحمتها!
٣٩
-----------------------------------------------------------
لكن كل ذلك يهون أمام المصيبة التي لحقت بي في شهر أكتوبر الماضي، لا زلت حتى اليوم لا أستوعب كيف تمكَّنَت من إيلامي بهذا العنف.
الست، بيني وبينكم مجنونة، من فترة إلى أخرى ((تخرم)) على موضوع ما، وتدخل فيه، ونادراً ما تعرف كيف ستخرج منه. ((تفتَّح)) رأسها في أكتوبر على النمل، (النمل، نعم، اسألوني أنا).
لعنة الله على هذا الذي أهداها ثلاثية الكاتب ( برنارد فيبير ). حوالي ١٦٠٠ صفحة مخصصة للنمل، تقرأ، ثم تأتي إليَّ وتدسُّ في جيوبي ملاحظاتها عن هذه الكائنات العجيبة.
تطوَّر الأمر حين ذهبَت إلى محل بيع الحيوانات الأليفة المجاور، تستفس عن منملة ( قرية زجاجية صغيرة يربَّى فيها النمل ) ... اندفع رأس البائع، كالسلحفاة، عدة سنتيمترات إلى الأمام! لقد رأى منملة في أوروبا، لكنه لم يعتقد أن تربية النمل ستثير اهتمام الزبائن في لبنان، فلم يستوردها.
عادت تجرُّ أذيال الخيبة، لكن لا! لقد وجدت ((الست)) أن دسَّ حفنات صغيرة من السكر عند زوايا الجدران، سيجعلها تحصل على (( منملة طبيعية )) .
محمية النمل، يا للجنون !
في الصباح الباكر، كان النمل يجتاح المنزل، ودارت بينها وبين سكان البيت رحى معركة لتمنعهم من استعمال مبيدات الحشرات، وتقنعهم أن الحَبَق مضاد فعال له.
أما كيف اجتاحني النمل؟ فلا أحد يعرف. نمل أشقر صغير تغلغل في تلك الليلة المشؤومة بداخلي. تسميه ((بيبي نمل)) حاولتُ الاستغاثة، لكن كما تعرفون، لي فم يأكل ولا يحكي. شعرت بدغدغات بسيطة، لم أفهم
٤٠
-----------------------------------------------------------
مصدرها في البداية، ثم اجتاحني رعب قاتل، تغلبت على الرغم من ذلك، على مخاوفي وتابعت العمل بانتظام.
ينشد ال((بيبي نمل)) مع لفحات هواء الخريف الباردة، فإلى أين يلجأ؟ عند محسوبكم، الذي يضخ حرارة محترمة ليلاً نهاراً، بالطبع.
في اليوم الأول للاجتياح، لم تفلح شتلات الحبق في إيعاد العدو، يبدو أنها قد خافت عليَّ أخيراً، فنقلتني إلى غرفة أخرى، واحتجزتي فيها يوماً كاملاً، ينعشني هواء المكيّف البارد.
أستطيع القول الآن بأنني لم ألتقِ بأي نملة منذ شهور، عدا تلك التي تتدلى من رقبتها في قلادة. مجنونة، النساء تركض وراء الذهب وهذه تُعلِّق نملة محنطة!
دم النمل بارد وشفاف.
((عندما تشعر النملة بالخطر، تبطئ من خفقات قلبها بالتدريج وتموت.))
٤١
