رن المنبه الساعة السابعة صباحاً ، حلم آخر أستيقظ منه على واقع مزعج، هذا الإستيقاظ المستمر على هذا الواقع أصبح متعبا للغاية لم يعد بوسعي تحمل هذا ، الساعة السابعة ، بعد عشر دقائق سيسيقظ أبي ،أمي ، في السابعة والنصف ستودع أمي أبي على باب المنزل ثم ستعود إلى السرير ستنام قليلاً بعد ، كان هذا سيكون روتيني إن تزوجنا كنت ساستيقظ معك لأجهز طعامك و أودعك على باب المنزل ثم أعود للفراش لاحقاً ،تعرف أنني أحب النوم كنت دائماً تلقبني بالكسولة ، الساعة الثامنة الآن استمررت في التحديق إلى السقف لمدة ساعة ، هذا أصبح روتيني الآن أستيقظ كل يوم و أحدق بالسقف طويلاً و إن أتت أمي لإيقاظي أتظاهر بالنوم ، في الساعة الحادية والنصف بالضبط أنهض من سريري مسرعة إلى الباب إنه الوقت الذي يأتي فيه ساعي البريد ،أقف أمام الباب لكنه لا يرمي أي شيء ، لا شيء، في البداية كان يبتسم لي ويذهب لكنه في هذه الأيام أصبح ينظر لي بكثير من الأسف، أستحق الأسف الذي يملئ عينيه ، أعلم أني أستحقه لكن تلك النظرات تزعجني ويزعجني أن أعود خائبة في كل مرة ، هذا الأسف الأبله في عينيه يزعجني وكأنه لا يكفيني التعامل مع كل الشفقة التي أتلقاها من كل الناس ليأتي هو وينظر لي بكل هذا الأسف ، في الأسبوع الماضي لم أستطع تمالك نفسي و أجهشت بالبكاء ، لقد بقيت أبكي أمام البيت ،أمام الملأ، إنه أمر مضحك في الحقيقة ، أقف بجلادة واتحمل كل هذا الشوق الذي يحرقني في كل يوم قليلا ، أواجه صورك في كل صباح عند إستيقاظي ولا أبكي ، أقرأ رسائلك السابقة كلها ولا أبكي ، أستيقظ من الوهم في كل يوم و أصمد ولا أبكي لكن نظرات بلهاء من ساعي البريد أبكتني ، ألا يبدو لك هذا مضحكاً وساخراً ، ساخر حد البكاء.
لكنني اليوم لن أعيش هذا الروتين ، الخروج من هذا البيت أصبح ضرورة ملحة ، أريد أن أختفي كأنني لم أكن يومًا ،لا أريد أن أواجه النظرات في أعين الجميع ، لا أريد أن ينظر إلى وجهي أحد ، في كل مرة أحدث أحدا أشعر وكأنه يقول لي في كل كلمة " لقد مات لا تنتظري عودته".
لكنني أعلم أنك لم تمت ، أعلم أنك هناك في مكان ما ، ربما جريح وربما تائه تبحث عن طريق العودة ولكنك ستعود حتماً ستفعل ، أنت لا تخلف وعودك أبداً.
بدأت بجمع ثيابي سأذهب إلى البيت الريفي اليوم ، ستخبرني أمي أن ما أفعله حماقة ، أن أخر مكان عليا التواجد به الآن هو البيت الريفي ، ستخبرني أنك موجود في كل تفاصيل ذلك المكان في الطريق، في الحقول وفي الأراضي على الطريق ، لكنها لا تعلم أنني ذاهبة إلى هناك لنفس السبب ،أنك موجود في كل تلك التفاصيل ، إنها أنا كالعادة ، أهرب منك ثم أسلك كل الطرق التي تؤدي إليك.Flashback
كانا يستلقيان على ظهر السيارة ينظران إلى النجوم بكل شغف ، في الحقيقة كانت هي فقط من تراقب النجوم، لطالما كانت مغرمة بمنظر السماء المزينة بهذه القطع الصغيرة المضيئة، أما هو فكان كعادته يتأملها هي ومنذهل بها هي.
_إنه منظر رائع.
*أتفق تماماً.
_أقصد السماء وتوقف عن التحديق بي.
*وأنا كنت أقصد السماء، هذه السماء الزرقاء في عينيكِ.
_توقف عن قول هذه الأشياء.
* لماذا؟
_لأنك تخجلني.
*وهذا يليق بك.
_حسنا، لكن دعك من هذا هل تعرف ما الذي أفكر به؟
*ماذا؟
_ ماذا لو أن هذه النجوم المبعثرة في السماء ليست مبعثرة وحسب؟
*كيف ذلك؟
_أعني، ماذا لو أنها مرصوصة بهذا الشكل؟ ماذا لو أنها مرسومة هكذا لتكون خريطة، خريطة ترشدنا إلى عالم آخر.
*حبيبتي ذات الخيال الواسع.
_يوما ما سأجد طريقة لقراءة هذه الخريطة و سأسافر إلى ذلك العالم.
* وأنا سألتحق بك، لكن إن انتظرنا إلى أن تجدي أنت الطريق سيطول الإنتظار ، ما رأيك بإستشارة فلكي!
_ههههه توقف عن السخرية أنا أتكلم بجدية هنا.
*وأنا أيضاً.
_هل حقاً ستلحق بي، إلى أينما ذهبت؟.
*بالطبع ، لا يهم أين أو كيف لكني ساتبعك أينما كنت حتى وإن اضطررت أن استرشد النجوم لإيجادك ، سألتصق بك طوال حياتي كعلكة، بهذا القدر يعني.
_هههه لا لا تلتصق بي كثيراً أو إفعل لا يهم، لأنني أنا أيضاً سأفعل.
*من الجيد أنك وجدتني، جديني دائماً هل هذا ممكن؟ لا تدعني أبتعد عنك أبدا، لقد وجدت طريقي بِك، لا تدعيني أحيد عنه مهما كان الأمر وأينما أخدتني الحياة تعالي أنت و جديني و أعيدني إليك.
_حسنا سأفعل ،لكن وأنت أيضاً لا تبتعد كثيراً ،تعرف لا أجيد التنقيب كثيراً -قالت ممازحة-.
*هل هذا وعد؟
_وعد. والآن هل لي بقبلة.
*بكل سرور.Fin Flashback.
يبدو أنني لن أستطيع أن أوفي بوعدي لك ، ذاك الذي قطعناه تحت النجوم، أنا لم أستطع إيجادك لقد ضعت مني هذه المرة، ولم أستطع أن أقتفي أثرك لقد أصبحت بين ليلة وضحاها وكأنك لم تكن، فقط هذا الظل العالق بقلبي هو مايذكرني دائماً أنك حقيقة لست فنتازيا من وحي خيالي ، هذا الحريق بداخلي هو دليلي الوحيد على أنك كنت هنا، لقد كنا هنا يوماً ما. والآن أنا أصبحت كأم فقدت طفلها بين الحشود ولا تستطيع إيجاده، تبحث يمينا و يساراً وفي كل إتجاه وتعود إلى حيث بدأ كل شيء ، إلى المكان الذي فقدته فيه أو حيث إنتبهت أنها فقدته. وكذلك أنا ،كذلك انا عدت حيث بدأ كل شيء وحيث فقدتك.
ولا شيء هنا يتوقف عن تذكيري بك ، كل شيء عبارة عنا يبدو أن إقامتي هنا ستكون صعبة وأن الوهم سينال مني هنا أيضاً وأكثر من قبل.
أنت تقرأ
الظل العالق بقلبي
Romanceأمشي لا أنظر حولي ولا أعلم أين أنا، فقط أمشي، الأصوات برأسي تختلط وحياتُنا معاً تمر كالشريط أمام عيني ،لقد أخبروني دائِماً أن الفقد جزء من الحياة والحُب، لكن لم يخبرني أحد عن مدى سوء هذا الجزء. لم يخبرني أحد أن الحياة التي تستمر بعد الفقد لا تكون ح...