حياة الموت

بداية الرحلة

انقضى زمن العصور الوسطى في بريطانيا العظمى و جاء بعدها عصر فيكتوريا عصر النهضة و الاكتشافات الجغرافية ، حيث ظهرت الطبقات الاستقراطية، وظهرت معها الجرائم الشنيعة و السرقات ، ليعرف العصر تحولا بعد ظهور ما يعرف ب ايكليروس ...

قطار بخاري متجه نحو لندن في الفجر ، حيث يصدر صوته المعروف الذي أيقظ كل سكان القرى المجاورة ، طفل صغير عمره لا يتجاوز 16 سنة ، نام على إحدى المقصورات ، يرتدي ملابس بالية ، و يحمل حقيبة كبيرة ، وضعها بجانب قدميه ، و لم يمضي وقت ، حتى وصل القطار إلى المحطة ، فاستيقظ الفتى و هز حقيبته بسرعة و خرج مسرعا من المقصورة ، و اختفى بعيدا بين مجموعة من الناس الذين كانوا ينتظرون عائلاتهم في المحطة ،
في مدينة لندن ، أكبر مدن بريطانيا ، حيث وقف جد كبير في السن أمام برج الساعة الكبير ، نظر للسماء و يديه موشومة بوشم غريب ، و كأنه ينتظر شخصا ما ، كانت تجاعيده و ملامحه تبين مدى الحياة الصعبة التي عاشها ، ثم جلس على إحدى الكراسي و بدأ ينظر في ساعته ، حتى ظهر أمامه الفتى ذو 16 سنة، كان يحمل ذات الحقيبة ، لكن هذه المرة ، يرتدي ملابس مرموقة ، لم يكف الناس عن النظر إليه، و خاصة إلى عينيه الحمراوتين البارزتين، و إلى شعره الأزرق الذي يتمايل بخفة مع هبوب النسيم العليل ، لكنه لم يهتم لمن حوله و أكمل مشيه باستقامة و عينيه لا تتزحزحان ، تظهر مدى جديتهما، حتى وقف أمام الرجل العجوز فقال له ببرود :
- لقد نجحت المهمة
رد عليه العجوز بإمائة و قال بابتسامة ماكرة :
- و ماذا يثبت لي ذلك ؟
أجاب ببرود بعد أن رمى الحقيبة أمامه :
- خذ و ستعرف
ابتسم العجوز و أمسك الحقيبة و تأكد محتوياتها التي كانت عبارة عن جواهر و نقود و ملابس ثم قال بجدية:
- اتبعني
ثم تحرك العجوز حاملا الحقيبة و بدأ يمشي مبتعدا عن برج الساعة ، و الفتى يتبعهه ببرود ، تاركين مسافة بينهما ، يسيران في شوارع المدينة المتراصة حيث الناس مفعمون بالحيوية و النشاط ، حتى وصلا إلى سوق كبير يقام به مهرجان ، و الجميع يحتفلون ، فانعطفوا جهة زقاق صغير ، وطرق العجوز ثلاث طرقات متناغمة على باب المنزل الثالث من الجهة اليمنى ، كأنها كلمة سرية متداولة ، و قد كانت أصوات الناس و طبولهم في كل مكان ، فلم يكن مثيرا للشبهة ، ففتح له أحد الباب ، فأشار إلى الفتى بالدخول ، فدخل هو بدوره يتبعه ، في ممر مستقيم حتى وصلوا إلى باب كبيرة ، ففتحها الشخص الذي فتح الباب سابقا و دخل الاثنان معا ، العجوز و الفتى ، حيث استقروا في قاعة كبيرة قديمة ، بها نقوش في جوانبها التي أظهرتها الإنارة الخافتتة للشموع، و قد جلس هناك 9 أشخاص ، 6 رجال، الأول اسمه كيث ، ذو شعر بني و عينين بنيتين، يقارب عمره 30 سنة و الثاني اسمه جين ذو شعر أسود و عينين سوداوتين ، يحمل كتابا في يديه و يجلس في هدوء في عمر 24 سنة او ما يقاربها ، الثالث اسمه جون كان حيويا و غير مهتم بأي شيء سوى التسلية ، ذو شعر أحمر و عينين صفراوتين، بعمر 18 او أقل، و الرابع اسمه إدوارد كان غاضبا جدا ، ذو شعر رمادي يغطي احدى عينيه الخضراوتين المميزتين ، و يرتدي سروالا قديما و قميصا ممزقا يكشف عن ندبة في صدره، و الخامس اسمه انجلو يجادل الشخص الثالث و هو جون و يطلب منه ان يهدأ ، ذو شعر أصفر و عينين زرقاوتين ، يرتدي ملابس أنيقة و يضع في رأسه قبعة عمره 29 سنة ، و السادس اسمه كاي ، يجلس فوق أحد الصخور المنتشرة ، هزيل الجسم ، و لطيف ، ذو شعر أشقر جميل ، و عينين صفروتين ، يرتدي قميصا و سروالا غطاها بعبائة بيضاء ، في سن 16 سنة تقريبا ...
أما النساء فقد كن 3 ، الأولى تدعى ميري ، ذات شعر قصير لونه وردي باهت ، تحمل بندقية بيدها اليمنى و تنظفها بالأخرى ، عمرها لا يتجاوز 27 سنة ، و الثانية اسمها هيلين فتاة في سن صغير يقارب عمرها 16 سنة، لطيفة و مرحة ، ذات شعر أصفر مائل للبرتقالي ، و عينين بنيتين ، ترتدي فستانا قصير يصل ركبتيها ، تتحدث مع الرجل جون و انجلو ، أما الاخيرة اسمها سوارين فقد كانت امرأة حكيمة و جميلة بعمر 36 سنة او أكثر ، ذات شعر طويل ابيض مائل للصفرة ترتدي فستانا قصيرا ،
فقال العجوز بهدوء :
- هذا منضم جديد اسمه جاك افيرغاردن ، ( ثم نظر نحو جاك ) و أكمل قائلا :
- هذه هي المجموعة التي ستعمل معها بدأ من اليوم .. لقد اكتملت بقدومك انت، ... رقمك 5000 ، لا نساه أبدا (ثم انصرف) ...
قال كيث بسخرية :
- يبدو بأن مجموعتنا ستكون مملوئة بالأطفال الصغار
نظر إليه جاك بنظرة حادة ، و لم ينطق بكلمة ، و قد كان ذلك كفيلا بإسكات كيث الذي تفاجأت عيناه مما رأته في جاك و قال في نفسه :
- ( انه أخطر من أن يكون طفلا عاديا ، يجب الحذر منه )
ثم جلس جاك بجانب كاي ، و نظر إليه و ربت على رأسه و قال :
- يبدو بأنك وصلت قبلي ، أحسنت
أجاب كاي بخجل :
- ام أجل
و فجأة طرق شخص الباب و دخل ، لقد كان شخصا طويل القامة ذو شعر اخضر لامع ، وسيم الوجه ، و عينين فاقعتا الزرقة ، يرتدي ملابس مرتبة و أنيقة و على وجهه ابتسامة هادئة و ماكرة تخفي الكثير ، قال :
- ستبدأون مهمتكم الأولى ، انه أمر مباشر من الزعيم ، إن نجحتم فسوف تكونون أعضاء رسميين في إكليروس ...

ماذا ستكون مهمتهم الأولى في هذه المنظمة التي تعرف ب إكليروس ، و ما سبب انضمام جاك لها ؟
أحداث مشوقة في الفصل القادم