بالنسبة لِسوآرا فكانت بالفعل قد عادت من الجامعة مشياً على الأقدام كالعادة، وبما أنها شعرت بتعبٍ وضياع شديدين قررت العودة للمنزل دُون المرور على الميتم، فدائماً ما نجد أنفسنا مُحتاجين بشدة للمكوث في مكان مُنعزل وحيدين لنرتب أفكارنا التي تجعل منا نغوص في بحرٍ عميق وغامض لا نهاية ولا بداية له !
فتحت باب المنزل لتدخل بخطواتها البطيئةِ الهادئة وتجده مضلماً بالكامل، أشعلت الأنوار لتتجوّل بعينيها في أرجاءه قليلاً وتتمتم بعد أن تنهدت بحزنٍ طفيف :
" المنزل يبدو فارغاً وموحشاً من دون أمي سُومين "
أنهت كلماتها هذه لتصعد السلالم نحو غرفتها، دخلت بينما وقعُ كعبها العالي يتردد لتشعل النور وترمي حقيبتها على الأريكة بإهمالٍ ثم تستلقي على السرير بتعب . .
أغمضت عينيها للحظاتٍ لتعود وتفتحهما متأملةً السقف الأبيض بشرودٍ بينما كلمات تلك السيدة لازالت تترد بين مسامعها :
" أنتِ كما الوردة الحمراء . . . . . لا يستطيع أحد الاقتراب منك بفعل أشواكك الحادة . . . . . ستجذِبين أحدهم بسبب رائحتكِ . . . . . سيستطيع قطفك . . . . . . أنتِ من ستُخرجينه من الظلام الذي يقبع فيه "
تنهدت بضيقٍ بينما تذكرت أيضاً كلمات تشانيول عن العطر ليلة أمس، فقط شعرت وكأن حديث تلك السيدة يتحقق بحذافيره مع مرور الوقت، أسئلة كثيرة تُعيد طرح نفسها في ذهنها وتجعل من تفكيرها يضطرب . .
نهضت من على السرير بهدوءٍ متجهةً نحو الحمام، وقفت مقابل المرآة تتأمل نفسها لتنطق بهدوء :
" ما هذه اللعنة التي حلت بحياتي . . ألا يمكنني أن ارتاح فحسب من كل هذه الأحداث الغريبة المُتوالية التي أصبحت تُؤرقني ؟!"
عضت على شفتها السفلية لتفتح صنبور المياه، تأملت المياه للحظاتٍ ثم أخذت نفساً وأخذت تغسل وجهها متجاهلةً برودة المياه، وفجأةً تردد صوت رنين هاتفها في الأرجاء لتقطب حاجبيها بحيرةٍ وتمسح وجهها بالمنشفة بسرعةٍ ثم تتجه نحو السرير .
حملته ثم أجابت لترتسم الصدمة والخوف على تعابيرها نتيجةَ الخبر الذي سمعته من جيسو، تلك الأخيرةُ التي نطقت كل حرف بطريقة مُتقطِّعة وخائفة . .
" سوآرا . . أرجوكِ فلتأتي بسرعة . . إن مارك أصيب بحمى وحرارته لا ترضى الاعتدال . .أنا خائفةٌ عليه أرجوكِ أسرعي "
كلماتٌ ترددت بين مسامع سوآرا لتبعث رعشة خوف في كامل جسدها، أحست بغصة مؤلمةٍ تؤذي قلبها بينما نبضاته تسارعة من شدة الخوف الذي تشعر به في لحظاتها هذه، لا مجال للاستغراب أبداً . . فعندما يتعلق الأمر بأطفال الميتم هي مُيتعدةٌ للتضحية بالغالي والنّفيس من أجلهم !
هي ترى في أولئك الأطفال المحرومين سبباً ليعشها واستمراريتها، تخاف عليهم أكثر بكثير مما تخاف على نفسها وتُحاول توفير كلما يحتاجون بكل ما توفرت عليه من طاقة .
أنت تقرأ
الأحْـــمَرُ ٱلقــــاتِم || The Dark Red (مُكتملـة)
Actionصِـــراعٌ حــادٌّ بيـنَ التمــلُّكِ و الكِبريــاء ~ بيـن الأنثــى الجَريــحةِ و عـــاشِق الدّمـاء فــي خِضـمِّ عــالمٍ مجهــول يكتســيه اللـون الأحـْـمر القــاتِم ~ ♥️ - أي اقتباس يُعدّ سرقة مني لأن الرواية تمّ نشرها أوّل مرة قبل أكثر من س...