الموسم الثاني - الفصل الخامس والعشرون

17.5K 476 339
                                    

خرجت مريم من الفندق يائسة وعاجزة. هامت في شوارع القاهرة. قادتها قدماها لمحطة القطار. بلا شعور أو وعي منها. فعقلها الباطن يأمل أن يجد منقذها زوجها وحبيبها خالد هناك. فكلما ضاقت بها الدنيا وأشتد عليها زمانها. وضاعت بين راحايا البشر. كان يرسل لها الله خالد لهذا المكان لينقذها وينتشلها من الضياع. لعلها تجد زوجها وحاميها حبيبها ورفيق عمرها هناك. فمن كان يجلس هناك لم يكن حبيبها. فخالد حبيبها لا يتركها ليتزوج من غيرها أبدا. خالد حبيبها لا يذبحها مثلما فعل.

تركت مريم قدماها تقوداها لمجهول جديد.

هامت وهي مغيبة تماما عن واقعها. تتخبط في الزحام كالممسوسة. لا ترى أحد ولا تسمع أحد. فزحام أفكارها يغلب الزحام حولها بكثير. وضوضاء ذكراياتها تصمها عن أي ضوضاء أخرى.

لم تشعر مريم بنفسها والناس يدفعونها معهم لركوب أحدى القطارات. ولم تنتبه لسقوطها والزحام يسحقها بأقدامهم. حتى إنها لم ترى الشاب الذي أنتشلها من الزحام وأجلسها في القطار على كرسيه ووقف بجانبها هو.

بعد عدة دقائق ظهر موظف القطار وطلب من مريم تذكرتها. لاحظ الشاب أنها مغيبة تماما عن الواقع فأشترى لمريم تذكرة لأخر محطة.

فكر الشاب قليلاً قبل نزوله من القطار لمحطته. قلق على حال مريم وتلفت حوله وجد بائعة متجولة في القطار. أعطاها بعض النقود وطلب منها ملاحظة مريم والإهتمام بها. فمن الواضح أنها مغيبة عن وعيها.

أستودع الشاب مريم أمانة عند ربه ونزل وهو يدعو لها.

راقبت البائعة مريم وجلست بجوارها حاولت التحدث معها وسؤالها عن وجهتها ولكن مريم لم تجيبها بأي شيء فهي في عالم آخر تماما. نظرت البائعة لمريم ولاحظت لبسها الغالي ومجوهراتها التي ترتديها في عنقها ويديها. فطلبت من مريم أن تتبعها. لم تستجب لها مريم فمسكتها من ذراعها وقادتها لحمام القطار.

خلعت عن مريم كل مجوهراتها حتى خاتم زواجها وفستانها المرصع بالأحجار الكريمة. وألبست مريم جلبابها المهترئ وقادتها ثانيا لكرسيها. نزلت البائعة من القطار في المحطة التالية وتركت مريم في القطار ليأخذها لوجهة مجهولة.

بعد وصول القطار لمحطته الأخيرة لاحظ أحد عمال النظافة وجود مريم في القطار ولم تخرج منه. طلب منها النزول ولكنها لم تستجب له. أخذها من ذراعها وأخرجها من القطار رغماً عنها.

ترجلت مريم من القطار وخرجت من محطة القطار. لا تعلم أين هي وفي أي بلد قادها قدرها. لم تبالي مريم للسؤال فكل الأماكن سواء. فهي لن تجد منقذها وحبيبها خالد في أي مكان. لأنه لا يوجد له مكان إلا في خيالها. أخذت تمشي في الشوارع وهي مرتدية ملابس بائعة القطار لا تمتلك أموال أو هاتف أو أي شيء لتعود لمنزلها. خرجت من شارع لأخر لا تدري إلى أين تقودها قدماها.

لا تترك يدي (كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن