𝑷𝑨𝑹𝑻 𝑽𝑰

896 24 7
                                    

كنت جالسة على طرف المسبح أضع قدماي في المياه الصافية واحركها بينما انظر لارثر الذي يقف أمامي بهيبته القاتمة ويضع يداه في جيب معطفه.. نعم ، الرجل الذي رأيته كان آرثر وطبعا لم استطع منع نفسي عن الذهاب له واخذه من بين كومة الرجال هذه رغم معرفتي بأن ادريان سيروي هذا لابن عمه ولكن لا يهمني! طبعاً حاولت استدراج ارثر بالكلام لاعرف ما يحدث ولماذا أنا هنا ولكنه أصر على عدم اخباري بانكاره انه لا يعلم ولكن هل ينطلي عليّ؟ طبعا كلا!!
-
"يعني تقول أنك لا تعرف شيئا اليس كذلك؟"حمحمت بهدوء واخفضت نظري نحو قدماي وسألته فورا دون مقدمات لاتلقى الجواب بثوانٍ:"لا أعلم يا روسلي! أبيك قال لي اذهب مجددا إليها واعطاني ڤاليريو هذا العنوان وأتيت فحسب.. هذا كل ما أعرفه وما يقع على عاتقي هو حمايتك"
-
همهمت بعدم تصديق لكلامه ورفعت عيناي نحوه مجددا لاداهمه بكلامي الصادم:"انا سأهرب من هنا آرثر " نبست هامسةً بهذا في حين أنه ألتزم الصمت لدقائق معبرا عن صدمته وعدم فهمه ثم نطق بعدها:"روسلي هل جننت يا فتاة!!؟ كيف ستهربين من هنا ومن وسط كل هؤلاء الرجال؟"
-
ابتسمت تلك الابتسامة التي تعبر عن الخبث الذي يدور بعقلي ورفعت كتفاي بطفولية لطيفة وأنا اقول:"سأجد طريقة ما! كنت اهرب ليلا واتسلل فجرا من منزل أبي وسط رجاله ألن أستطيع فعلها الآن؟!"
-
"لا تستطيعين! هؤلاء رجال ليسوا كـ رجال أبيك وڤاليريو وقوته ونفوذه ليس كأبيك أيضا.. إنه رجل خطير ، لا ندري ما قد يفعله!" أجابني بحزم وجدية فأطلقت شهقة ساخرة واردفت:"لا تقلق إنه لا يستطيع فعل شيء لي!! غير هذا أنا أعرف كيف سأهرب من هنا.. آرثر منذ أن أتيت إلى إيطاليا وأنا سجينة يااا! إما في قصرهم اللعين ذاك أو هنا ، ياا حتى في شهر العسل جعلوني حبيسة..!!! لم أهرب لا في الخطوبة ولا في العرس خوفاً على أبي وأخي وقلت لربما يتحسن كل شيء بعد الزواج ولكن لم يحدث وقد طفح الكيل معي!!!! في هذا المساء سأهرب وانتظر منك كونك صديقي الوحيد ورفيق دربي منذ طفولتي أن تساعدني.."
-
طبعا استخدمت اسلوبي القوي في الإقناع ولم أقصر أيضا في استخدام دموعي ، آرثر يعرف هذا جيدا ولكنه كأبي وأخي يقعان بفخي رغم معرفتهم! أردت رفع الدوز قليلا بتكرار آخر جملة بنبرة عتاب ثم نهضت وعدت إلى الداخل تاركةً إياه خلفي يحترق بنار التفكير والحيرة!!
_
~
_
كان جالساً بـ هالته المخيفة على إحدى الكراسي في المستودع نفسه الذي فر منه من قام بتهديده بأغلى ما يملك! أمامه الحراس مصطفين جانبا لجنب جامعين اياديهم أمامهم ورؤوسهم محنية بينما يقف خلفه ابن عمه ورفيقه ادريان وهو يدري أن عاصفة مُميتة ستهب الآن!! نفث دخان سيجارته الاخير ورماها أرضا ليدهس عليها ويرفع أكمام قميصه قائلاا بحدية وصرامة:"من كان يحرس المستودع أثناء هروب فيرناندو فـ ليتقدم خطوة"
-
ابتلع كل من في المكان ريقهم بخوف شديد والصمت القاتل يزيد من حالة الذعر الذي يحيط بهم اكثر شيئا فشيئا.. بالطبع لم يكن أحد ليتجرأ على فعل ما قاله فمن يود الاقتراب من موته بإرادته؟!
-
تسارعت دقات قلوبهم خوفاً حينما أردف زعيمهم مجددا بنبرة أكثر حدية وهو يفرغ مسدسه الدوار من الرصاصات:"لن اكرر كلامي للمرة الثانية يا رجال!" أردف بهذا ثم وضع رصاصة واحدة في المخزن واداره عدة مرات ثم اغلقه واسترسل قائلا بهدوء عكس نبرته السابقة:"هنا يوجد رصاصة واحدة! من يقول من كان هنا سينجو ويأخذ الرصاصة ويغادر براحة بال!"
-
ما إن أنهى كلامه حتى تقدم أحد الرجال وقال بسرعة لينفذ بريشه وهو يشير إلى من كانوا موجودين واحدا تلو الآخر:"هؤلاء يا سيدي! هؤلاء كانوا هناا ، اقـ..."
_
قاطع كلامه صوت رصاصة اخترقت قدمه ليقع أرضا وهو يصرخ بألم ويلعن فنهض ڤاليريو قائلا بهدوء وهو ينظر للواقع أرضا بين دمائه النازفة إذ أنه اختار أكثر مكانٍ حساس في الفخذ واصابه به:"لم أتوقع أن تخرج الرصاصة منذ المرة الأولى! ولكن هل تعلم لماذا تلقيت هذه الرصاصة؟ لأنك وغد كاذب! أتظنني لم اعلم بخيانتك يا ماركو؟ اتفاقك مع زعيم عصابة اللعين فيرناندو وتهريبك للهاتف له بسرية وجعله يهرب ايضا؟ أتعرف؟! لم أكن أتوقع خيانة كهذه منك! كلا ليس لأنني أثق بك بل لأنك أجبن من أن تفعل شيئاً كهذا ، لقد ابهرتني حقاا!"
-
ختم كلامه وهو يوجه فوهة سلاحه عليه مجدداً بعدما ملئ مخزنه تحت توسلات الآخر بأن يرحمه ولكن لا حياة لمن تنادي! إذ أن ڤاليريو قد اعماه الغضب ، فهو لا يرحم من يخونه ابدا خصوصاً من يأكل من رزقه لسنوات ثم يخونه ببساطة.. تخيل أمامه منظرا دمويا لخائن غارق بدمائه والرصاص قد اخترق جسده بأكمله ، وهذا بالفعل ما حدث لماركو الذي انقطعت توسلاته حينما أفرغ ڤاليريو كامل مخزنه به وتطايرت دمائه لتلوث قميصه الابيض ووجهه والحراس الواقفين يتأملون هذا المنظر برهبة وخوف!!
-
"يا للأسف على شبابك ماركو!!" نبس بهذا بهدوء مخيف وهو يمسح الدماء عن وجهه بكفه ثم التفت إلى بقية الحراس واسترسل بذات النبرة:"وأنتم لا تظنوا انكم نجوتم! كل من كان موجوداً أثناء هروبه سيتعاقب"
-
خرج من المستودع بعد قوله هذا تاركاً إياهم خلفه يحترقون بنار خوفهم وذعرهم من ما سيحدث بهم بعد هذا.. أما في الخارج حيث كان ڤاليريو يُشعل سيجارته ثم نفث دخانها ليخرج خلفه ادريان قائلا:"ماذا سنفعل بهم يا اخي؟!"
-
اجابه ڤاليريو ببرود:"اقتلهم جميعا!.. هل أوصلت روسلين إلى حيث اخبرتك؟" تغيرت نبرته بآخر سؤاله للتساؤل فأومئ له ادريان وهو يجيبه:"أجل وانتظرت حتى قدوم الحراس كما أخبرتني ، وايضا آرثر قد أتى معهم، هل عائلتها يعرفون؟"
-
ڤاليريو:"لقد أخبرت أنجلو كي يرسل آرثر ، هو أكثر من استطيع تأمين روسلين لديه من بين الرجال! اعطني مفتاح السيارة" قال هذا بهدوء ومد يده ليأخذ المفتاح من ادريان ثم رمى سيجارته ارضا ودهسها لتنطفئ وبعدها اتجه إلى السيارة وركبها...
-
~
-
مر الوقت بسرعة لم يشعر بها ابطالنا واسدل الليل خيوط ظلامه على البيت الذي احتجز به ، ما زلت مصرةً كامل الإصرار على الهرب.. ليس لأنني خائفة من أي شيء ، لربما فقط أريد تعليم ڤاليريو درساً بعدم فعل شيء كهذا لي مجددا!! انتظرت حتى انتصف الليل وحملت حقيبة صغيرة وجدتها على إحدى الرفوف وضعت بها قارورة ماء وسكينة للاحتياط مع لوح شوكولاته وجدته في الثلاجة لربما جعت ثم اغلقتها بشدة وربطتها حول خصري
-
اخرجت رأسي ببطئ من باب المنزل الخلفي فوجدت الحديقة فارغة من الرجال.. ابتسمت بسعادة فقد عرفت أن آرثر من فعل هذا لاتسلل بخفة على رؤوس أصابعي حتى وصلت لجدار الحديقة الكبيرة ، نظرت حولي فوجدت خشبة موضوعة على الطرف لاتجه إليها واحملها ببطئ وحذر ثم وضعتها بجانب الجدار
-
تنهدت بعمق وأنا اصعد عليها ثم شجعت نفسي وتسلقت الحائط وحينما اصبحت على قمته قفزت بكل سلاسة على الجهة الأخرى واخترت المكان الذي لم ينبت به تلك الأعشاب الصغيرة المزعجة كي لا أصدر صوتاً ويتم الإمساك بي! حينما أضحيت في الجهة الأخرى أمسكت حقيبتي التي رميتها إلى هذه الجهة قبل تسلقي ثم بدأت اخطو خطواتي بهدوء على رؤوس أصابعي وأنا اتلفت حولي للتأكد من أنه لم يراني أحد ، وفعلا حينما تأكدت من هذا أخرجت انفاسي المكبوتة براحة واكملت مسيري..
-
لا اعرف إلى أين أنا ذاهبة! لا أعرف إلى أين سيقودني الطريق وأنا هربت من الشخص الوحيد الذي اعرفه هنا ، ضحكت بسخرية على نفسي حينما خطر لبالي أنني فعلت الشيء الذي كنت خائفة من فعله منذ أن وطئت قدمي ارض ايطاليا.. ايطاليا! ايتها الأرض اللعينة!! سأغادرك يوماً ما إلى بلادي وسيكون ما حدث بك مجرد ذكرى أضحك عليها حينما تراودني.. سيحدث هذا يوماً ما يا إيطاليا ، سيحدث بكل تأكيد!!
-
كنت أحدث نفسي سرا وانا اسير وكأنني أهوّن على نفسي عناء ما تبقى أمامي باتجاه طريقي المجهول الذي لا أعرفه! اخذت أتذكر أحلامي التي بنيتها وأنا طفلة صغيرة وما زالت كلماتي تحفز ذاتي على الاستمرار و روحي المغامرة تلك تستيقظ مع كل خطوة اخطيها!! تعبير مبالغ به بعض الشيء أليس كذلك؟ أنا هكذا وحسب ، لا أسير إلا بهذه التحفيزات التي تنشط وتزيد الادرينالين في جسدي.. أنا غريبة الأطوار حقا!
-
ضحكت بخفة وأنا اهز رأسي لانفض عني هذه الأفكار الغريبة ثم وقفت أسفل شجرة وأخرجت قارورة الماء لاتجرع منها ، نظرت خلفي وإذ أنني قطعت مسافة لا بأس بها وابتعدت عن بيت الجبل مما زاد من عزيمتي على إكمال السير!
-
وضعت القارورة في الحقيبة مجددا ثم أخرجت سماعاتي ووضعتهم بأذني بعدما شغلت اغنيتي االمفضلة وبدأت اتمايل على ألحانها الصاخبة بجسدي وانا أمشي.. وفجأة وبعدما أمضيت من الطريق مسافة كبيرة اصطدمت بشيء حينما كنت اسير مغمضة العينين على لحن الموسيقى ، ابتلعت ريقي خوفاً فأنا عرفت بمن.. رائحته تسللت إلى أنفي فوراً فتأكدت أكثر ، ترددت في فتح عيناي ولكن لا حل آخر أمامي لذا أخذت أنفاسي بعمق داخل رئتاي وفتحتهما ليقابل نظري جسد ڤاليريو القوي
-
"إلى أين المُضي يا عزيزتي؟" سألني هذا بكل هدوء وهو يضع يداه داخل جيبيه فرفعت نظري نحو وجهه لتستقبلها نظراته وملامحه الجدية فاطلقت ضحكة متوترة خفيفة وخطوت خطوة للخلف وأنا اجيبه:"شييي.. أنـ.. أنا كنت ذاهبة للماركت ، أجل أجل للماركت! كنت أريد شراء عصير توت لنفسي"
-
لم تنطلي كذبتي عليه طبعاً ، كان يجول بفكري أن اتخطاه واهرب ركضاً ولكن لسببٍ ما كنت أشعر وكأن قدماي التصقتا بالارض أسفلي وابت أن تتحرك.. لعنت نفسي سرا على غبائي ، لا اعرف لماذا!! وما هي إلا ثوانٍ حتى وكان قد ألقاني على كتفه كشوال البطاطس مجدداً ولكن هذه المرة لم اقاوم كعادتي ، أيضا لا اعرف لماذا ولكن كان بداخلي شعور.. شعور ليس غريباً عني!! شعور بالعجز والحزن وبشيء قريب للكآبة!!
-
ها هو ذا يضعني أرضا في منتصف المنزل بعدما سار بي طوال الطريق عودةً نحو بيت الجبل ومر بي وسط رجاله الذين اعتلت الصدمة وجوههم حينما رأوني في الخارج وطبعا لم تخلُ ملامحهم من الخوف من سيدهم الذي سيهدم الدنيا فوق رؤوسهم لتقصيرهم في عملهم.. ايا كان هذا ليس موضوعنا الآن!!
-
استعطفته بنظراتي البريئة عكس نظراته التي كان تصرخ حديةً وجدية ثم أطلق سؤاله عليّ مجددا:"هل لي أن أعرف ماذا كنت تفعلين في الخارج؟ تهربين أليس كذلك؟! روسلين ألا تدركين ما الخطر الذي أنت به؟؟" خرج آخر سؤال بحدية أكثر من الذين سبقوه فأجبته بلحظة انتهائه بنبرة عالية وأنا ألوح بيداي:"كلا ، كلا لا اعرف بأي خطر انا!! حضرتك لأنك حبستني هنا دون قول أي شيء لا أعرف بأي خطر سيد بارد مارتيني! كنت اهرب أجل ، كنت أفعل ما أريد فعله منذ قدومي إلى هذه الأرض اللعينة!! وإن لم تخبرني الآن لماذا حبستني في هذا المنزل سأهرب مجدداً ، ولا تظن أنني اهدد عبثا لأني افعلها بحق!"
-
ختمت كلامي وأنا الهث بشدة بسبب انفعالي الذي كان يزداد مع كل كلمة اقولها وشعرت أنني اختنق وكأن حجراً موضوعاً على صدري يمنعني من التنفس كما يجب! لم اتلقَ أي جواب منه ، فقط نظرات هادئة مريبة وغير مفهومة.. في مثل هذه الظروف كنت سأجادله أكثر وسأضغط عليه حتى يخبرني ولكن كنت فاقدة لكل قواي لذا قمت برمي حقيبتي على الأريكة وأنا اتنهد واهز رأسي باستسلام وقلة حيلة ثم وبدون أن انظر إليه صعدت إلى الأعلى وكنت واثقة أن ڤاليريو كان يقف خلفي مندهشا ومستغربا من ما فعلته ولكنه لا يدري.. لا يدري أي شيء!!
-
~
-
مرت خمسة أيام ، خمسة أيام وانا أعيش روتينا مملا في منزل الجبل هذا! استيقظ صباحا وانزل إلى الأسفل فأجد فطوري جاهزاً لاتناوله واقضي بقية النهار جالسةً حتى الغداء الذي لم أكن اتناوله يومياً إلا بإرغام آرثر لي والذي كان يحاول تخفيف ضيقتي عليّ كعادته ثم اخلد للنوم بوقت متأخر ومرت الايام بهذا الروتين.. بالإضافة إلى أنني رأيت ڤاليريو مرة او مرتين خلال هذه الفترة ، على غير عادته انقطع عني لفترة طويلة! لا اعرف أظن أنني اعتدت على وجوده حولي طوال الوقت وهذا ما سبب لي الحزن والضيق الذي كان ظاهراً بوضوح لدرجة أن ادريان سألني عن سبب ركودي الغير طبيعي ذات مرة ، ولكني أعرف جيداً أن هناك سبب آخر.. سبب يجعلني أشعر بالوحدة الشديدة!!
-
اغلقت هاتفي ووضعته جانباً بعدما كتبت هذا في ملاحظاتي ، اخبرتكم سابقاً أنني أكتب مذكراتي في هاتفي أليس كذلك؟ لا أؤمن لأحد ، اخاف أن يقع دفتر مذكراتي بيد أحد وأصبح سخرية له لذا وجدت هاتفي الآمن أكثر! ترجلت عن الأرجوحة واقتربت من الحافة لالقي نظرة على الرجال الذين يحاوطون هذا السجن منذ ايام.. يا إلهي! أليس لديهم عائلات ليذهبون إليها؟ إنهم نفس الرجال منذ اسبوع تقريبا يقفون هنا!! آه وما شأني انا بهم وبعائلاتهم! اكرههم جميعا لأنهم يتشاركون مع سيدهم بحبسي هنا!!
_
وحينما كنت غارقة في عالم التفكير كعادتي ، لمحت فاليريو ينزل من سيارته وهو يخلع نظاراته الشمسية وتلاقت اعيننا لثوانٍ قبل ان يخفضها مجددا وينظر نحو آرثر الذي اقترب منه وبدآ يتكلمان.. زفرت ما في صدري من أنفاس محتقنة وعُدت للداخل ثم ارتميت على الأريكة واغمضت عيناي.. هدوء! هدوء كالعادة! لا يوجد أي صوت يشير لوجود اي حيّ حولي ، إنكِ وحيدة روسلين.. وحيدة للغاية!!
_
استمعت بهدوء كما الجو الذي اعتدت عليه لصوت الباب وهو يُفتح فبقيت على وضعي لأنني أعرف أنه فاليريو ولم يكن لي أي حال لمناقشته او حتى النظر إليه.. فإن رأيت وجهه سألكمه بلا شك بسبب ما يفعله بي!! فجأة شعرت بأنفاسه الساخنة تلفح وجهي لاقول له بهدوء وانا ما زلت على حالي:"أبعد لعنة انفاسك عني فاليريو!! لست بحال تسمح لي بتوبيخك.."
-
تحركت انفاسه الحارة من وجهي نحو رقبتي وشعرت بشفاهه تلتصق بعنقي فأقشعر بدني من فعلته ولكنه سرعان ما ابتعد طابعا قبلته الرقيقة هناك وقال بنبرته الخافتة المثيرة:"ما بال شمسي؟ لماذا هي راكدة على غير عادتها؟" ختم كلامه هنا وعمّ الصمت علينا للحظات.. أكاد أجزم أنه الآن يبتسم كالابله!
-
فتحت عيناي بانزعاج ودفعته من صدره بقوة واندفاع ثم استقمت فورا ووقفت وانا ارمقه بنظرات تكاد تخترقه لحدتها ثم اردفت:"ابتعد عني فاليريو قلت! لا تصدق بأن زواجنا هذا حقيقي وتذكر انه هناك بند في الاتفاقية يقول انه لا يمكنك الاقتراب مني دون اذني ، لذا إياك أن تقترب مني مجددا بهذا الشكل!!" رميت كلامي عليه ولم امنحه فرصة للإجابة او ليستوعب تصرفاتي وما قلته بل هرولت فورا نحو السلالم قاصدةً غرفة النوم لارتمي فورا على السرير ثم احتضن الوسادة وانفجر باكيةً بكل ما اوتيت من قوة وكأنني أفرغ كل ما كبته منذ ايام!!
-
احيانا نحن البشر نظن انه لنا طاقة على التحمل ، نفكر بأنه بإمكاننا كبت مشاعرنا إن كنا نشعر بالحزن او بالسعادة او بالغضب او ما شابه.. نظن أننا يمكننا التعامل مع احاسيسنا لوحدنا، بداخلنا وبقلبنا دون إدراك من حولنا لهذا!! ولكن.. ايضا.. البشر خطّائون بطباعهم! قد ننجح بهذا فعلا ، قد نستطيع اخفاء مشاعرنا ، ولكن وبالتأكيد سنصل لنقطة تجعل الكأس يفوض وتُرمى تلك البحصة على البركان فننفجر! نُخرِجُ كل ما اعتمر بداخلنا خلال لحظة ودون إدراكنا لهذا.. قد يكون بسبب موقف تافه ، يجعل من امامنا يمرون بلحظات إدراك مستغربة لحالتنا التي لا يفهمها الا نحن! أتعرفون؟ هذه المواقف هي من تثبت لنا أننا ما زلنا بشراً ، أجل فالشخص الذي ينفجر بعد كبته الطويل يتأكد له أنه يشعر كأي إنسان طبيعي.. رغم انه خلال كبته يظن انه اصبح فقيرا لكل المشاعر الا انه لا يدري أن هذا مجرد تمهيد ، بداية طريق لزلزال كان يعصف بداخله ولكنه خرج فجأة ليدمره ويدمر كل ما حوله!! نحن بشر يا سادة! مهما حدث نبقى أُناس ذو مشاعر صادقة نحملها بداخلنا رغم انكارنا لها.. ولكنها ستظهر ، ستظهر مُطلقا يوما ماا دون أن ندري!!
_~_
كانت جالسة على أحد ارائك تلك الصالة رفيعة الذوق وجميلة الطراز تُحدق في نافذة زجاجية ضخمة مُزامنة لها ، تنظر إليها وتستمر في النظر بشرود تام وكأن العالم صامت وعقلها الذي يتحدث!! حتى صوت الامطار في الخارج كانت غير مسموعة امام علو صوت افكارها واستمرار شرودها الذي تمت مقاطعته من قِبل فاليريو الذي فتح باب منزله ودخل للداخل لم يكُن خالي الوفاض بل كانت بين ذراعيه باقة ورود من نوع الاقحوان ، ضخمة وجميلة! بيضاء نقية كنقاء وبياض قلبها.. إبتسم ما ان رآها شاردة تضع يدها أسفل رقبتها وهذه علامة منها تدّعي شرودها وابحارها في عالم الخيال لقد حفظ كل تفاصيلها! او لاقل هو يعرف كل تفاصيلها..!! تنحنح بصوته الرجولي عسى ان تستفيق ولكن ما من مجيب منها ، لينظر فاليريو الى من اتت معه وهي صديقتها المقربة المدعوة لارا.. غمز لها لتذهب وتُصحي صديقتها من غيبوبة شرودها...
-
ابتسمت بسعادة ثم اقتربت منها الى ان زامنتها، للوهلة الأولى ارادت روسلين ان تُبعدها ظنا منها أنه فاليريو ولكن حينما وعت ان الجسد الذي امامها ليس جسد رجل عرفت انها صديقتها المقربة!! خاصةً من ملبسها العصري الذي عُرفت به فإنتفضت قائلة بصدمة: " لارااا؟؟؟!. "
-
ثم ارتفعت وعانقتها بقوة شديدة جعلت عيناها تدمع لانها قد اشتاقت لها جدا ، فهي منذ أن تزوّجت لم تراها او تسنح لها فرصة لتحادثها هاتفيا! فصلتا العناق بعد مدة تحت نظراته الجميلة لهنّ لتقول لها لارا: " يااا ما خطبك تبكين؟ يعني هل أتيت لكي تبكين ام ماذا؟. "
-
ردت عليها وهي تمسح دموعها: " لا ليس كذلك ، انما تأثرت قليلا! انت صديقتي القريبة مني جدا ولم استطع محادثتك سوى الان.. انا.... " وضعت يدها على شفاهها وقاطعتها قائلة بلطف بلكنتها التركية الاصيلة: " لا تعتذري روسلي! انت متزوجة ويجب ان امنحك مساحة قليلا لتتفرغي لنفسك حبيبتي.. ولكن لا تقلقي من بعد الان نحن مع بعضنا. "
-
ابتسمت لها رغم دموعها الفائضة ليقترب منهم فاليريو بين يديه الباقة قائلا بهدوئه المعتاد: "وهذه الهدية الثانية!امل ان تنال على اعجابك آنستي" ختم كلامه ثم اعطاها ما بين يديه لتنصدم من معرفته لورودها المفضلة ولكن كانت مسالة ثوانٍ حتى تعرف من اخبره بما تعشق من الورود وهي صديقتها الشقية التي غمزت لها لتحمرّ وجنتي روسلين سريعا دون مقاومة! طبعا رآها واعجبه الوضع وكثيرا ، ولكن همه يكفيه اساسا.. فيجب عليه ان ينزوي مع نفسه ليفكر بما سيفعله مستقبلا و بعلاقته مع زوجته وعمله بين المافيات فقال: "حسنا انا استأذنكن سيداتي.... يجب ان ارتاح قليلا" ثم صعد للاعلى وتركهن بالاضافة الى انه ترك روسلين مستغربة جدا من تصرفاته لتقول: "ماذا حصل له الان؟ "
_
اجابتها لارا: " ما به؟" تنهدت الأخرى بعمق وهي تنظر من خلفه وردت: " لا اعلم.. يعني اصبح غريبا بعض الشيء! بالعادة يناقرني حتى ينتهي بنا المطاف نقاتل بعضنا! ولكن... يبدو انه حصل له شيء! ايضا ما هذه الطيبة التي به!؟ يحضرك ويحضر ورودا؟ "
-
اجابتها تلك مع غمزة: " ما خطبك مستغربة لهذه الدرجة؟ هو زوجك ومن الطبيعي ان يبذل قصارى جهده لكي يمنحك ما تُحبيه وتحلمين فيه" نظرت اليها للحظات وجيزة ثم قالت: " رغم ذلك لست مطمئنة! حسنًا لا علينا منه الان.. يجب علينا ان نستمتع يا صديقتي الجميلة! ما رايك؟ هل نشاهد فيلما ام.... "
_
اجابتها لارا بحماسها المعتاد: " اجل اجل لنشاهد!!! لنشاهد باربي!. " اردفت بهذا لتتأفأف روسلين وهي تقلب عيناها بملل ثم تذمرت قائلة: " بحقك لاراات!!' انه للفتيات الصغيرات يااا! بالاضافة الى انني اكره اللون الزهري!. "
-
اجابتها بضحك: " ولكني احبه! هيا هيا لنشاهده لن نندم صدقيني!!. " ضحكت الأخرى بقلة حيلة عليها ثم وضعت الورود بهدوء على الطاولة وذهبتا ليُشاهدن في جو مليئ بالمرح فيما بينهم بعد فترة تعتبر طويلة قد اجتمعتا مجددا ومن جمعهم هو اخر شخص تفكر روسلين في ان يُسعدها وهو زوجها المُسيطر بحسب تفكيرها..!
_~_
مرت أيام اخرى.. أيوجد أسرع من الوقت؟ يمر بلمح البصر دون ان ندرك! مرت أيام منذ أن جعل روسلين حبيسة في منزل الجبل.. يعرف أنها تكره هذا وبعرف أنها تود تحطيم رأسه كما فعلت بشهر عسلهما بسبب هدوئه المريب الذي يحاول ان يتحلى به امامها كي لا تشعر بالخوف بسبب الخطر الذي يداهمها.. خوف وروسلين؟ يا إلهي هذه الفتاة لا تخاف من شيء!! لو أنه لا اعرف كم انها ناعمة ومرهفة الاحاسيس لظنها رئيسة إحدى عصابات المافيا! كم هي قوية زوجته العزيزة!! حينما أخبره آرثر انها تشعر بالوحدة وتكاد تعاني من الاكتئاب وبعد ان لاحظ حزنها وركودها الشديدين قرر اسعادها ، لم يجد طريقة لفعلها سوى صديقتها المقربة وطبعا ورودها المفضلة.. هي تظن أنه عرف بهذا من صديقتها ، لم تدرك بعد أنه يحفظ تفاصيلها كما يحفظ اسمه!! ها هي ذي أمام ناظريه تجلس مع صديقتها على الحديقة الخلفية وبيدها كوب قهوتها الذي تتصاعد منه السنة البخار لتُدفئ انفها الأحمر من برودته ، ابتسمت وهو يطالعها من الاعلى ويتنصت لضحكتها التي تصدح في الأرجاء.. اخيرا استطاع سماع هذه الضحكة بعد فترة!
-
رن هاتفه معلنا قطعه للحظاته الجميلة القصيرة فسحبه من جيبه وانا يشتم المتصل بسخط وهمس وإذ به ادريان الذي كلفه ان يجد فيرناندو.. اتمنى انك قد احضرت اخبارا جيدة يا ابن عمي!! همس بهذا لنفسه في داخله ثم اجابه وانا يلقي انظاري نحو فاتنته مجددا:"افندم ادريان.... حسنا اجمع الرجال وانتظرني انا قادم فورا!" اغلق هاتفه بعد ان قال له هذا فهو قد اكتفى من ابن عمه بجملة "لقد وجدت مكان فيرناندو" ، سرى الادرينالين بجسده وعروقه والتمعت عيناه انتصارا.. ها هو على وشك ان ينتهي من مشكلة سببت له الكثير من المتاعب!
-
ترجل الى الاسفل وقطع المسافة نحو الحديقة الخلفية بخطواته الواسعة ليقف أمامهما ويقول بابتسامة واسعة:"يا فتيات انا سأخرج لدي عمل صغير لانهيه ، هل تريدان ان احضر لكما شيئا معي؟!" القى نظراته على روسلين حينما ختم كلامه ولكنها ادارت وجهها لتبعد عينيها عنه فأجابته لورا بابتسامة:"كلا شكرا لك سيد فاليريو نحن بخير"
_
تنهد بعمق اثر تصرف روسلين معه واخرج نظاراته من جيبه الداخلي ليلتفت إلى لورا ويومئ لها بابتسامة خفيفة تكاد تظهر ثم استدار وغادر مبتعدا عنهما لتقوم لورا بضرب صديقتها على فخذها وهي تقول بتأنيب:"كزززز لماذا تفعلين هذا بالرجل المسكين يااا؟! على الأقل كنتِ نظرتِ إليه وهو يتكلم ، عيب ما فعلته حقاا"
_
قلبت روسلين عيناها بملل ثم وضعت كوب القهوة جانبا لتسحب الغطاء الصوفي على كتفيها أكثر وتقول لها:"أي عيب ياا؟ هو يستحق ما افعله به وأكثر!" رفعت عيناها ونظرت من خلفه لتجده يركب السيارة ويغادر فعلا لتتنهد بعمق وتسترسل:"هكذا هو دائما! لا افهمه ابدا يا لورا هل تصدقين؟ منذ أن رأيته في اللحظة الأولى وقد قلت انه يوجد به شيء غريب ولكن.. كل يوم يزداد هذا الشيء غرابةً ولا زلت لا افهمه!! تارةً يكون لطيفا للغاية وتارةً اخرى يتحول لشخص مخيف ومرعب ، أتعرفين؟ في شهر عسلنا كسرت زجاجة النبيذ على رأسه في لحظة غضب وظننت أنه سيقتلني في تلك اللحظة ولكنه بقي صامتا ول..."
_
"ماذااا؟!! كسرت زجاجة نبيذ على رأسه؟؟؟" قاطعتها لورا وهي تقول هذا باندهاش واضح على ملامحها فتنهدت الاخرى بضيق وبعض الانزعاج لتجيبها:"أجل حدث امر كهذا! ولكن لا تلوميني ياا لأنني فعلت هذا بسببه ، هو من اخبرني أنه لن يطلقني حينما سألته.. ولكن هذا ليس موضوعنا الآ..." قاطعتها صديقتها مجددا وهي تضربها بخفة على فخذها وتقول بعينان تلمعان بحماسها المعتاد:"كلا بل هذا موضوعنا الآن!! اخبريني بكل التفاصيل.. كيف فعلت هذا؟ ولماذا؟ وماذا كانت ردة فعله؟ وماذا حدث بعدها؟ هيا هيا اخبريني بكل شيء وبالتفصيل الممل هيااا يا فتااة!!!"
_
اغمضت روسلين عينيها بندم لزلة لسانها أمام صديقتها التي لا تتوقف حينما تسمع شيئا كهذا.. فتحت عيناها مجددا وقالت بهدوء:"ضربته بالزجاجة على رأسه لأنه اخبرني أنه مهووس بي" ، فتحت لورا فاهها على وسعها بدهشة ولكن قبل ان تنطق بأي شيء رفعت روسلين يدها لتصمتها واسترسلت بنبرة سريعة:"لا تسألي اي شيء لانه بل يوجد ما يقال أكثر وهذا ليس موضوعنا يا لورا! كلما تذكرت الأمر يثير غضبي منه اكثر لا أريد سماع شيء عنه من فضلك.."
_
ختمت كلامها وهي تلتقط انفاسها وتتنهد بعمق ولكن هل يُهرّب الامر من لورا قط؟ طبعا كلاا! تلك الصديقة الفضولية واللطيفة بقيت تصر على روسلين وتزن عليها كالبلهاء حتى فقدت جميلتنا صبرها وبدأت تروي لها ما حدث بالتفصيل كما تطلب!!
~~~
في نفس هذه الأثناء ولكن في مكان بعيد كل البُعد عن المدينة ، امام منزلٍ كبير يقع على سفح الجبل.. وصل كِلا من فاليريو وصاحب دربه وابن عمه الاقرب إليه أدريان الى قصر ضخم يعجّ بالصخب والضوضاء!! كان فاليريو وأدريان واقفين مُجانبين لبعضهم البعض يتطلعون على القصر والعاصفة التي بداخله ليُخرج ذلك الأشقر الوسيم السيجارة الكبيرة والثقيلة من بين شفتاه ويقول مُخاطبا أدريان: "يبدو لي أنه هنالك حفلة صاخبة للغاية في الداخل يا صاح!"
_
اجابه أدريان: "لا يبدو لك ، بل بالفعل هنالك حفلة صاخبة! وأيضا خبيثة" ، أردف كلامه وهو يضحك بمكر وخبث وينظر إلى صديقه الذي رمى سيجارته ارضا بعنف ودهسها ثم سحب مُسدسيه ليبتسم بمكر قائلا: "لا توجد حفلة بدون فاليريو مارتيني اذا!!"، صمت لوهلة ثم التفت للرجال الذين خلفه وواصل حديثه: "الجميع يعرف أين يذهب وماذا يفعل! هيا يجب علينا أن لا نتأخر عن الحفلة."
_
اومئوا برؤوسهم له سمعا وطاعة ثم ذهبوا سيرا بالاقدام بل لأقل تقدموا مهرولين حتى وصلوا للبوابة الرئيسية ليقوم فاليريو بركل الباب لينكسر بعدها فورا ثم يُطلق صفيرا وكأنهُ يستدعي أحدهم قائلا: " ليوناردوووو... أين ذهب حملنا الضائع؟"
_
"اقتلوا كل من هنا! لا تتركوا أحدا من هولاء
الدُمى ببدلاتهم السوداء الرسميّة!!" صاح ادريان بهذا بأعلى صوته آمرا الرجال الذين حولهما وبالفعل! بدأوا بقتل الجميع حرفيا دون اي استثناء او تمييز او شفقة!! هلع ليوناردو والخوف يعتري قلبه بل بدأ بالتفكير في أجله على يديّ الرّجل الذي ظن أنهُ يمكنه العبث معه وأنه قد تخلص منه ولكنه لا يدري ان الاقتراب من فاليريو يعني الموت!!! أطلق أجهزة الانذار من داخل مكتبه لينبّه كل من في القصر لكيّ يبيدوا الدُخلاء ولكن فاليريو يمتلك ذكاءا حادا لا عبث به! إذ انه قد وزّع رجاله بشكل ممتاز حول القصر وداخله حتّى!
_
بعد فروغهم من قتل الجميع وترك المدنيّين يرحلون وصل بأقدامه لغرفة الشخص الذي وضعه برأسه.. لم يركل الباب مثل ما فعل سابقا بل فتحه بهدوء وبأدب والابتسامة الماكرة تزين شفتاه ثم قال: "مرحبا يا صديقي القديم! كيف حالك؟" ، رفع رأسه لينظر الى الحارسين الذين يقفان خلف ليوناردو يحمونه ويوجهون اسلحتهم عليه وعلى أدريان ثم اعاد انظاره إلى ليوناردو الذي أجابه بضحكة خافتة ومرتبكة: "أهلا فاليريو.. كيف حالك؟"
_
ابتسم ثم وقف واضعا أحد رجليه فوق كرسيّه الفاخر تاركا يديه التي تُمسكان بالمسدس فوق فخذه على شكل حرف إكس مُتقاطع وهو يقول: "اوووه ليو اوه!! لقد أغضبتني كثيرا يا رجل وأنا عادةً لا أغضب! اهنئك على هذا حقا... ولكن العبث بعرين الاسد لن يُحضر لك سوى الموت يا صديقي!"
_
ابتسم الخبيث ليوناردو ابتسامته الصفراء وهو يضع يده على سلاح معلّق اسفل الطاولة: "مالذي يُغضبك لهذه الدرجة يا أخي؟"
_
اقترب فاليريو بجذعه العلوي منه واجابه بهمس مستخدما نبرته الحادة التي تثير الرعب داخل اي كيان:"أن تحيك اعمالا من خلف ظهري!! أن تضعني موضع البيدق على طاولة الشطرنج! أنا لا شيء يستطيع خداعي ليوناردو تأكد من ذلك جيّدا! والأهم من كل هذا.. ان تفكر بتهديدي بأغلى ما املك!" استقام مجددا وهو يأخذ نفسا عميقا ثم نظرَ لرجاله الذين خلفه واكمل: "هل تثق برجالك كثيرا يا سيّد ليوناردو؟"
_
اتسعت ابتسامة ليوناردو المصطنعة وقال بمكر: "لقد ربيتهم منذ ان كانوا صغارا يا فاليريو! بالتأكيد أثق بهم ايها الغافل!!!" ، ختم كلامه وهو يسحب يده التي تمسك المسدس تدريجيا ولكنه توقف فجأة حينما صدمه دخول القناص الذي كان قد هدد به فاليريو واستأجره ليقتل روسلين وقد كان ملطخا بدمائه وبحالة مزرية يجرّه أحد الرجال ثم رماه تحت قدميه بأمر من فاليريو الذي قال بعدها بابتسامة وبكل هدوء:"كما تثق بهذا القناص ايضا يا ليوناردو الصغير؟!"
_
ابتلع ذاك ريقه بتوتر وشحب وجهه وانسحب اللون منه وقد انعقد لسانه من صعوبة الموقف ليسترسل فاليريو مبتسما: "تخيّل لو طرقعت بيديّ هكذا!" ، انهى كلامه ومن ثم طرقع بالفعل وخرج صوت من بين اصابعه ليواصل حديثه مرة اخرى: "وينقلبون رجالك ضدّك؟ ما رأيك؟ تخيل تخيل هيا إنه موقف يستحق ان تستعمل القدر (رأسه وعقله) الذي بين كتفيك بالطريقة المناسبة هيا"
_
ضحك بقهقة بعد ان استجمع نفسه وتحكم بانفعالاته التي كادت ان تفضحه ولكنها لم تُخفى عن فاليريو ثم أردف:"أنت قلتها.. تخيّل!! الخيال لا يتحول لحقيقة فاليريو مارتيني!"
_
اجابه فاليريو وهو يُبعد رجله عن كرسيّه الفاخر: "حسنا إلتفت لخلفك إن لم يكُن لديك مانع!" ، التفت بالفعل ورآهم موجهين اسلحتهم عليه!!! لينصعق تماما ويعجز حتى عن التنفس وقد ذهبت كل محاولاته للتماسك مع الريح ولم يعد قادرا على التحكم بنفسه لدرجة أنه اوقع سلاحه ارضا من يده فيواصل فاليريو بابتسامة ونبرة حادة: "فاليريو في كلّ مكان ، في كل جهة ستلتفت ستراني امامك!! من الجيّد انك ستموت وآخر وجه رأيته هو وجهي فالكثيرون يتمنون مكانك! دخول عرين الأسد لن يوصلك إلا للموت!"
_
ثم اشار بيده للرجلان ليبتلع ليوناردو طلقتين في رأسه صادرةً من رجاله الذين وثق بهم كثيرا ليبتسم فاليريو ويومئ برأسه للرجال شاكرا إياهم ثم يرمي لهم حزمتين من الاموال ثم التفت لادريان وقال:"خذوا جثته وارموها أمام إحدى مستودعات العصابة التي يتبع لها كي يروا ماذا يعني العبث مع فاليريو مارتيني!! واحضر لي هذا القناص ، لا تقتلوه إنني بحاجته"
_
لم يجادله ادريان ولم يعترض واكتفى بايماءة له برأسه واشارة للرجال الذين خلفه كي ينفذوا ما قاله وبعدها رحلوا من المكان بسلام بعد ان أحدثوا ضجة قوية وأكملوا الحفلة الليلة كما يحبون! فاليريو مارتيني يضرب ، يُهشّم ، يقتُل ، وكلّ ذلك بلا رحمة!!!
~~~

Mafia Game __ لعبة المافياWhere stories live. Discover now