- ظننتُ أنّني مجرّد أحمق، فلماذا لا تُريدينني أن أبقى هنا؟
- هذا لأنّك أحمقنا...-أجابتني بصوتٍ منكسرٍ ووجهها محشور في صدري-
- لماذا تظنين أنّني سأغادر؟
- لأنَّ الجميع يهرب منّي ويكرهني
- هذا ليس صحيحا
- بلى صحيح، الكلّ يرحل عنّي، جدّة أمي وجدها، خالاتي وأخوالي، أعمامي وعمّاتي..كلهم يكرهونني
- ما الّذي يجعلك تقولين هذا يا قدر؟
- أراهم..أتذكّرهم وأراهم في أحلامي
- ماذا ترين؟ ماذا تتذكرين؟
- أتذكر أقوالهم ونظراتهم و...
- اهدئي قدر، اهدئي أنا معك، أخبريني ماذا ترين في أحلامك، ماذا تتذكرين؟
- عندما كان يأخذني جدّي للصالة معه وأنا صغيرة، أحلم بهم، أتذكرهم، ينظرون إليَّ نظرة اشمئزاز وكره، كلهم، في المدرسة يضربُونني ويُطلقون عليَّ أسماء، حتّى الأساتذة لا يحبّونني ويصرخون في وجهي، أذكر أب جدّي يصرخُ في منزلنا ويقول أنّه لن يضع خطوة على عتبة المنزل مجدّدا ما دمت أنا فيه، أذكرهم جميعا، الجميع يرحل عنّي ويكرهني، وأنت أيضا ستكرهني وترحل ولن تعود
لا أنكر أنّني بكيت؛ ليس عيبا للرجل أن يبكي للسبب الصّحيح؛ كلّ هذه البراءة تُخفي كلّ هذه النُدوب، تصبر عليها ولا تبوح بها، كلّ هذه البراءة نَجتْ وسط كلّ الأوضاع الموحشة الّتي مرَّت بها، كلّ هذا الألم؛ مسحتُ عينيها الّلتين تحاولين تفادي نظراتي، ثمّ احتضنتني من جديد وبقوّة. قميصي أصبح مبلّلا. لم أكن أدري ما سأفعله أو أقوله..كيف تداوي ندُوب حياة، لمن بدأت حياته للتّو؟
- قدر..؟
ردَّت سوى بشهقات دموعها
- قدر عزيزتي...
أعدتُ قول اسمها وأنا أربّت على ظهرها.
- ماذا؟
- أنا لن أغادر
- بلى ستفعل
- لا، لن أفعل
- أتعدني؟
YOU ARE READING
كل شيء بقدر
Mystery / Thrillerرواية كلّ شيء بقدر هي رواية اجتماعية بطابع ديني جميل وهادئ، تتحدث عموما عن الحياة بمنظور شابّ وشابّة. الشّاب بعد تخرّجه يبحث عن عمل، ثمّ فجأة يخسر أعز ما يملك وسبب عيشه، فيهزّ رحاله ويهرب من منزله إلى المجهول تاركا خلفه ذكريات وأحداث أخرى ستكتشفونها...