أضحت سماء روسفيل قاتمة ومنذرة بوعيد سيئ بمثل سوء جوها .ورغم أن الغسق كان قد حل ،إلا أن المطر لم يتوقف ولو لحظة واحدة ، حيث كانت زخاته الكثيفة تضرب بعنف الأسطح والمباني ووجوه الناس المتحلقة حول الشاشات كأنها غاضبة من المهزلة التي تحدث بالأسفل .
كانت الشاشات الكبيرة قد جذبت المزيد من المشاهدين المتعطشين للأنباء الساخنة ولرؤية معشوقهم كلاي براندولي الذي كان يتقن التمثيل أمام الكاميرا بشكل مذهل ،جعلت حتى هوغو وابنيه رينا وراينو المندسين بين العامة لمراقبة ما يحدث بشكل مباشر يقتنعون بتمثيله .ولو كانوا بشرا لصدقوا من دون تفكير أن ما يرونه كان شيئا حقيقيا وليس مُعدا سالفا .
كانت الكاميرا مركزة على وجه آنسيا الآن ولسبب ما ظلت تحوم حول تعابير وجهها وردة فعل جسدها بعد اندفاعها مصدومة نحو الساحة .بالكاد صرخت متألمة باسم إيليار ثم سكنت على الفور وعيناها تحومان في كل مكان كأنها تحاول قراءة ما يحدث من حولها .ولم يعرف أيا من المشاهدين ما كان يجول في خُلدها .
قالت امرأة وهي تميل نحو رينا وتعابير الإزدراء مرتسمة على وجهها :"أنظري الى مدى جمالها ، من يمكن أن يتخيل بأنها وحش .من ؟". واتشح صوتها برعب وغضب كبيرين .
فضيقت رينا من عينيها وشدت القلنسوة المضادة للمطر أكثر فوق وجهها .لحسن حظها أن الجو كان ممطرا وكان من الطبيعي أن ترتدي قلنسوة وإلا لانتبه شخص واحد على الأقل الى وجود بعض الشبه بينها وبين آنسيا، التي أضحت حديث المدينة بأسرها .ضغطت على شفتيها وهي تهمس بداخلها :"فتاة غبية ".
كان كل سكان المدينة سواء من يشاهدون الأنباء من شاشاتهم المنزلية الصغيرة أو المتواجدين بالخارج يحملون أجهزتهم الذكية ويتناقلون صور آنسيا مفتتحين رسائلهم باللقب الذي أعطوها إياه وهو "الوحش الجميل".
وفي لحظات أصبحت المطالبة رقم واحد في المدينة ،وذلك بعد الأنباء الجديدة التي قررت القواة المسلحة بثها .
انقسمت الشاشة على نصفين حيث ظل وجه آنسيا ثابتا في نصفها ،بينما بدأ تقرير خاص حاولها يبث في الجانب الآخر .
ظهرت صور لها وهي طفلة وقد غرزت أسنانها في ذراع أحد الجنود .بدت هائجة ووحشية كما أرادوا تقديمها للناس ولم يعرف أحد أنها في تلك اللقطة كانت قد فقدت والدها وآخر فرد بالغ من أسرتها .بعدها ظهرت صور لوالدها روفي بلار وهو ميت وقد تم وصف موته باللحظة التي تخلصت فيه المدينة من أبشع السفاحين الذي مروا على روسفيل .
اختفت صورة روفي لتحل صورة أشتانا ،والدة آنسيا ،مكانها وهي حامل .وقد تم تظليل شفتيها بخدش متعمد حتى لا تظهر الإبتسامة السعيدة على مُحاياها .كانت الصورة الأصلية تضم أيضا آنسيا وهي طفلة ووالدها وابتسامات واسعة منتشرة على وجوههم ،لكنهم أُزيلو من الصورة حتى لا تثبت في أذهان العامة صورة العائلة السعيدة وإمكانية زواج ناجح وآمن بين آرينش وبشرية .
YOU ARE READING
𝖙𝖍𝖊 𝖈𝖔𝖑𝖉 𝖉𝖆𝖓𝖈𝖊 ꕤ الرقصة الباردة
Teen Fictionكل سنة تختار شجرة الاقدار مجموعة من الفتية والفتيات لتجمع بينهم في رابطة زواج مقدس ، إنهم شبان من نخبة فصائل الآرينش الأربعة ، بهدف إنتاج جيل أقوى يتفوق على الفيروس الذي نشره البشر في الحرب القائمة بين الطرفين. آنسيا بلار هي نصف بشرية ونصف مستذئبة...
