٣٢ | هل تحبين اللون الأبيض؟ |

5K 715 514
                                    


نيويورك، مقاطعة مانهاتن، ثانوية ريدوندو يونيون.
١٢/٠٢/٢٠١٨
١٢:٣٠ صباحًا.

لاطف الهواء وجهي جاعلا مني أغمض عيناي أكثر وأتحسس القلادة عند رقبتي، أُقرب الخاتم من شفتي فتلسعني برودة معدنه.. أتنهد وأُحكم إغلاق جفني أكثر متساءلة خلالها، ماذا لو كان ديلان هنا الآن؟

بكل تأكيد سيجلس جانبي بصمتٍ، يقرب جسده مني حتى أشعر بدفئه المنبعث.. يتركني أعيش لحظة الهدوء بسلامٍ وجذعي العلوي مستلقي فوق هذه الطاولة وسط الباحة الأمامية للثانوية.

كانت يده لتسلل نحو رقبتي من الخلف، يزيح خصلات شعري برفق ويضعها على بشرتي، يمسح بإبهامه بلطفٍ ويُرخي كل ذرة قلقٍ أو توترٍ داخلي...

كان بعدها ليرفع يده أعلى، مُقحما أصابعه داخل خصلاتي السوداء مُدلكا فروة رأسي، ينخفض بعدها مقبلا وجنتي ولربما جبهتي.. مُناديني ب "يا حُب"

ولكن، ولكن في عقلي دفئه فقط، لم انتبه قبلا ما هي رائحته.. كيف لي أن أتذكره وأستحضر وجوده بينما لا أعلم تفاصيلا أخرى عنه؟ ما الذي يحبه ديلان؟ ما الذي يكرهه؟ هل وجوده سيتلاشى قريبا مع الأيام؟ هل سيختفي من ذاكرتي كوني لا أمتلك معلومات كثيرة عنه؟ لما لا أمتلك معلوماتٍ من الأصل وهو كان غريبي المفضل، أقرب الغرباء وأجملهم، أحنهم وألطفهم...

ليس وكأنني أحفظ تفاصيل أحدهم، لا دراية لي بأعياد ميلاد غيري، لا أهلي ولا آرثر ولا إيليت، لا أُدرك الكثير عن مفضلات أحد.. عندما أُحاول تذكر أي شيء ما عدا أسمائهم أجد داخل عقلي حُفرا من التشوش، كأن ذاكرتي تلفزيون قديم يتلفظ أنفاسه الأخيرة.

لما صورة ديلان تتبدد وتبتعد؟ لما؟ لم أفهم لما يدي تمتد وراء صورته وتطاردها، وكنت متوجسة، خائفة.. بمشاعرٍ مختلطة وفوضى لا منهية داخلي، أُحس بلمس بشرته تُمسك يدي وتقيدها، تشبك أصابعنا ببعضها البعض، وأنفاسه تُصبح على مقربة تكاد تهمس لي بشيء..

لكن الصورة تتبدد والرائحة الثقيل تخنقني.

«أنا لا أفهم!»

فتحت عيناي على مصراعيهما وصرخت في نفس اللحظة التي أرى بها الأعين الثعلبية التي تخص آرثر.. انتقضت من الكرسي وكدت أسقط خلفي لولا أنه مُمسك بيدي وقد سحبني نحوه مجددا.

شهقت مرتعبة أتحسس نبضات قلبي وألقي نظرة حولنا حتى ألمح أي شخصٍ قد رأنا، ولكن لم يكن بالجوار أي شخص كونه وقت الغذاء من الأصل وبكل تأكيد لن يضيعوا لحظات الافتراس بالتسكع هنا.

«لقد ظننت أنكِ سوف تنسجمين في هذه الثانوية، ولكنك تتهربين من الجميع منذ أيام.. ما خطبكِ آمور؟» تساءل مستفهما وهو يمد يده نحوي يلامس شعري ويعيده مكانه، بينما يده الأخرى لا تزال مقيدة لأناملي.. راقبته بوهنٍ وصمتٍ في ثوانٍ أسترجع خلالها صورته وهو طفل، صوته الناعم وقتها وشعره الحريري الواقع على عينيه والذي ترفعه له والدته كالفتيات فتكتمل الصورة عند ارتدائه لباس الباليه...

كاراميل Where stories live. Discover now