٤٤ | عناقات وقُبلات النهاية |

7K 556 810
                                    

عدلتُ قُبعتي القطنية السوداء وتفحصتُ مظهري للمرة الأخيرة وتدريجيًا انزلقت عيناي للأسفل قليلا مراقبة رقبة التيشرت الأبيض الذي أرتديه ولم أستلطف فكرة عدم تمكني من إخراج قلادتي من الداخل دون أن تُعطي مظهرا قبيحا؛ ولكن لحظتها تذكرتُ أمرا مهما دفعني إلى التوجه نحو طاولة التزيين التي تحوي مستحضراتي كلها. فتحتُ إحدى أدراجها باحثةً عن شيء محدد، في البداية توجستُ من فكرة عدم تذكري المكان بالضبط ولكن ما إن لمع الشريط الأحمر الذي بالخاتم حتى ابتسمتُ وقررتُ لبسه أخيرا.

إن لم أقدر على إخراج قلادة ديلان من تحت قميصي يمكنني ارتداء النسخة النسائية من الخاتم الذي أهديتهُ له في بداية العام، وعليّ تذكيره به أيضا مستقبلًا حتى يرتديه.

رغم أن ديلان مولع بالخواتم إلا أنه يبدو وكأنه يخاف عليهم كثيرا لذلك لا يرتديهم، وهذا دفعني للتساؤل عن اللحظة التي يراها مناسبة لارتدائهم لأن حياته عبارة عن دراسة و أعمال خيرية فقط وهو لا يستمتع مثل أي شابٍ عادٍ.

نظرتُ نحو المرآة المقوسة التابعة لطاولة التزيين ببعض التصميم كوني لن أتراجع هذه المرة في محاولة إصلاح ما أقدر عليه، في محاولة التغيير ككل وكان علي تجاهل تلك الأصوات مجددا والتظاهر بعد رؤية أشباح الماضي تطوف حولي وتحاول سحبي معها للخلف.

الآن، الخطوة التالية.

سِرتُ نحو خارج غُرفتي ونزلتُ للأسفل باحثة عن والدتي، وجدتها بالمطبخ تضع أطباق الفطور وقد كانت وحيدةً لذلك رجحتُ طردها آرثر من البيت.

حملتُ قطعة التوست المطلية فقط واكتفيتُ بقضمٍ بعضٍ منها بينما هي تراقبني بهدوءٍ وصمتٍ ولم أكن أعلم بالضبط لو كانت تفكر في المحادثة التي خاضتها مع آرثر قبل نصف ساعة في غرفتي، ولن أفتح ذلك الحوار من الأصل.

«لما لا تجلسين؟ على كلٍ أنتِ متأخرة عن الثانوية.» تحدثت أخيرا وهي تجلس على الكرسي وتتناول كأسها الذي يصعد منه بعض البخار، بينما أنا حملتُ كأس عصير البرتقال وارتشفتُ معظمهُ دفعةً واحدةً؛ بعدها تراجعتُ للخلف راحلةً ورميتُ تعليقا صغيرا. «لدي أمور علي الاهتمام بها أولا قبل الذهاب للثانوية، لذلك سوف أخرج.»

وبسرعةً انتهى بي عند الباب وما إن فتحته وجدتُ آرثر جالسا على الدرج يعبثُ بهاتف، وسرعان ما نهض بهدفه مقابلتي كأنه يعلم أنني كُنت سآتي.

لم أرمش كما فعل هو. تبادلنا نظراتٍ صامتةً ولوهلةٍ تملكتني مشاعر غريبة وأنا أرى انعكاسي على عينيه، رغم أنه لم يمضِ الكثير على شجارنا ولكن هذه الأعين الثعلبية قد بهتت كثيرًا ولم يعد مظهرها مألوفا كما في السابق.

«هل سوف نذهب للثانوية؟» سألني أخيرا بينما يدس الآيفون الخاص به وسط جيب سترته الجلدية، ولم ينزل عيناه عن عينيّ كأنه يقوم بدراسة ردود فعلي أو ينتظر عُنفا لفظيا مني أو حتى مقاومة صغيرة، ولكني...

كاراميل Where stories live. Discover now