٤١ | عناقات العُلية |

5K 722 2.6K
                                    


«لقد وعدتني أنك سوف تعتني بها!» فجأة تدخل صوت والدتي، رأيتها تقترب منه وملامحها عابسة ولم أكن على علمٍ بوقت حدوث هذا التغيير لأنه في نصف ثانية فقط كانت تبتسم وتناديني بحبٍ وسعادة.

اقتربت من آرثر وقامت بدفعه للخلف مبعدةً إياه عني واستمرت في الحديث ببعض الغضب. «لما لديها هالات سوداء كارثية وتبدو وكأنها كانت تبكي آرثر؟ حالتها رثة وبكل تأكيد سوف تتحمل المسؤولية بعد أن جعلتني أضع القليل من الثقة بكِ!»

في مواقف أخرى كنت لأنزعجْ من الوضعية الدفاعية التي تتخذها ضد آرثر، ولكن حاليا؟ إنه في صالحي وهو بحاجةٍ إلى التوبيخ والشتم.

«لقد تشاجرنا يا ماما، وعلاقتي به قد انتهت نهائيا لذلك اطرديه من البيت.» أخبرتها دون ترددٍ رغم خروج صوتي منهكا وضعيفًا بعض الشيء ولكن الصدمة التي على وجهه واندلاع آموريت مثل صافرة الحرب يستحق المشاهدة.

راقبتُ ديلان مجددا، لأراه لا يزال منصبا تلك العسليتان علي بصمتٍ ثقيل. لعقتُ شفتاي ببطء ومسحته من الأعلى للأسفل مستذكرة تفاصيله، مركزة على أنامله البيضاء تلك وراغبةً في الحصول على عناقه ولمسته؛ ولكن جزءٌ مني منزعج لفكرة تواجده مع والدتي وحديثهما معًا عن أمورٍ أجهلها، وجزء آخر يبدو مثل كيانٍ مظلم يقف عند يُسراي ويهمس قرب أُذني عن الخطايا والذنوب التي ارتكبتها.

أتذكر أنني مُدنسة، أنني قاتلة..
واختنق مجددًا.

«ماذا عني؟» حمحمة ريكاردو دفعتني للنظر نحوه ولكن عابسة، أتذكر الهراء الذي تفوه به قبل قليل لذلك حملقتُ به من الأعلى للأسفل متأكدة من أن عدوانيتِي وطاقتِي السلبية قد انتقلت حتى نُخاعه.

رميتُ نظرة أخيرة نحو ديلان أشعرُ بحسرةٍ أكبر وحالتي لا تسمح، لا العقلية أو النفسية، الإرهاق ينهش جمجمتي ولكن ذلك الذنب الحارق لصدري ينزلق مثل الحُمم الساخنة للأسفل وكان عليّ التصرف معه.

انسحبت للخلف راحلة، متجاهلة جدال آرثر ووالدتي العالي.

«ريكاردو سوف ينتظر حصوله على توقيعٍ منكِ، كما أنه سوف يشرحُ لكِ من أين يعرفكِ بالضبط.» أردفتُ بصوتٍ عالٍ خلال صعودي الدرج تاركة خلفي كل تلك الأعاصير، وجزءٌ مني قد انشطر راكضا نحو ديلان، ولكني قاومت.. قاومتُ.

يوجد ما هو أسوأ من مقاومة الجاذبية الأرضية وما هو موازي لشعورِ الذنب القاتل هنا، وهو مقاومة العودة نحوه والغرق ضمن أحضانه، لمسه وتقبيله، البكاء على صدره، النوم رفقته والشعور بأنفاسه قرب رقبتي، احتضان وجهه بين كفي والحصول على اهتمامه، الغرق في حبه.

أغمضُ عيناي بغضبٍ أكبر من الرغبة التي تحرقني بقدر شعور الذنب، ثم زفرتُ نفسًا حادا ومرتفعا أقف عند نهاية الرواق أضع معطفي بالأرض وفوقه هاتفي وأرفعُ يدي نحو الأعلى ساحبة الحبل الحديدي وقد نزل الدرج الخشبي التابع للعلية أسفلا، ما إن استقر بالأرض حتى صعدتُ على مضضٍ وبهدفٍ واحد ملتصق بجبيني.

كاراميل Where stories live. Discover now