٤٣ | البجعة البيضاء والأمير المنسيّ |

4.8K 560 1K
                                    

لا أدري كم مر من الوقت وأنا بالحمام، أهز قدمي اليسرى وأقضمُ أظافري ببعض الهمجية كوني أعجز عن فهم سيرورة جسدي المتجمد، أعجز عن استيعاب خوفي من أكثر الأشياء التي اكتشفتُ أنني في حاجتها.

الحُب.

أشعرُ بالأسف الشديد خلال هذه اللحظات كوني قررتُ مسبقا اختيار الطريق التي يقود نحو ديلان ولكن يبدو أن جسدي لديه توجهات أخرى، نحن لسنا شجعان كفاية حتى ننغمس في هذه المخاطرة التي أتوق لها وكل هذا التضارب يقود عقلي للجنون.

طرقُ الباب جعلني اهتزُ فزعةً بعض الشيء، تعالت دقات قلبي بينما أنهض وأفتحهُ بترددٍ لأجد ديلان يقف على مقربة وينظر نحوي بهدوءٍ.

«لقد جلبتُ لكِ التلفاز القديم من العلية، كان يوجد واحد هناك خلال تنظيفي لها.» خرجت نبرته خافتة وهو يشير بإبهامه خلف ظهره دافعا إياي للخروج من الحمام والنظر نحو التلفاز ذو اللون الخشبي المحترق والموضوع أرضًا.

أومأتُ له باضطرابٍ وسارعتُ نحو السرير متجاوزةً إياه، حملتُ الشريط ولم أُفكر كثيرا فيما قد أجده بالداخل لأنني مضطربة بسبب ديلان، لا أشعرُ بشجاعةٍ لمواجهته.

راقبته على جنبٍ خلال انحنائي نحو التلفاز ومحاولتي إدخال شريط الكاسيت في مكانه المخصص، كان يقف على مقربة يُراقب بصمتٍ ولكن سرعان ما تنهد بصوتٍ مسموع وانسحب للخلف متجها نحو الباب.

هل هو يرحل؟ إنها الخامسة صباحًا!

«سوف أعود للمنزل الآن من أجل المدرسة، وداعًا.» رمى جملته بنفس النبرة الخافتة السابقة وتمكنتُ من لمح العبوس على وجهه، لقد كان يكور قبضته ويلوي شفته قليلا وبكل تأكيد هو غير راضٍ عن المهزلة التي تدور بيننا.

فتحتُ فمي معارضةً ولكن لم يخرج أي صوتٍ، وخلالها كان قد رمى نظرة جانبية أخيرة باردة بعض الشيء كأنه بطريقة ما يُخبرني عدم توقعه شيئًا مني، أنني دوما أخذله ولا أقدم له ما يُعطيه لي.

وهذا الذي يحدث فعلا، لا يمكنني الاعتراف بحبي له مهما حاولت.. وهذا مُحبط ومؤلم كون الوخز الذي عند قلبي لم يرحمني لحظتها، الأصوات الداخلية تهاجمني كعادتها وتخبرني كم أنا مذنبة ومؤذية، لستُ صالحة للحب أو لأي شيء في حياتي.

أنزلت رأسي ببطء للأسفل أراقب الأرضية شاعرةً باستياءٍ عظيم وقد اختفى هو كليًا معلنًا بذلك أنه يائس مني، علمتُ لحظتها أنه لربما تكون مرته الأخيرة في المحاولة معي لأنه وصل إلى حدوده واستنزف كل مجهوداته.

هل سيسألني مستقبلا بشكل مباشر لو كُنتُ أحبه أو لا؟ لا أظن أنه يمكنني التأمل والطمع بأكثر من هذا ولذلك أحتاج إلى وضع حدٍ نهائي وإلا بالنهاية سوف أفقد كل شيء-.

كاراميل Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang